كيف استطاع الظاهر بيبرس حكم مصر وبلاد الشام من أجل غد أفضل

كيف استطاع الظاهر بيبرس حكم مصر وبلاد الشام من أجل غد أفضل

بيبرس البندقدارى يعد واحدا من أقوى أمراء المماليك الذين حكموا مصر فى التاريخ المملوكى ، ويرى الكثير أنه من أفضل الشخصيات التاريخية التى حكمت مصر عبر التاريخ ، واتسمت بالقوة والشجاعة والإقدام .

وفى خلال السطور التالية سوف نتعرف على سيرة وحياة السلطان بيبرس البندقدارى منذ الميلاد حتى الوفاة .

أصل المماليك

كان الرق منتشرا فى العصور الوسطى ، وكانت تجلب الغلمان والفتيان الحسان من بلادهم البعيدة إلى أسواق الرقيق ، وكان يتنافس الأمراء والملوك فى إقتناء هؤلاء الرقيق ، وكان هناك تجار متخصصون فى هذا المجال وكانوا يسمون ( بالنخاسين ) ، وكانوا يعرضون الرقيق كبضاعة فى الأسواق ، أما طريقة جلب هؤلاء الرقيق فكانت عن طريق الخطف والسرقة ، فكانوا يسرقون الغلمان ، ويخطفون البنات العذارى من أهلهم ثم يستحلون بيعهم للناس، ويستحل الناس شراءهم ، ومن العوامل التى ساعدت على رواج تجارة الرقيق الغارات الحربية التى يشنها غاز ظالم قاس القلب على أهل بلد مسالمين آمنين ، فيبدد شملهم ، ويفرق جمعهم ، وييتم أولادهم ، فبالتالى يتم خطف أبناء هذه البلاد وبيعهم فى سوق الرقيق ، فلذلك نشطت تجارة الرقيق بسبب الغارات الحربية ، كالغارات الحربية التى كان يشنها التتار والمغول على البلاد التى كانوا يجتاحونها ، ولم يقتصر الرقيق على شعب دون آخر أو جنس دون غيره ، فقد كان من الرقيق الجنس التركى ، والجركسى ، والرومى ، والزنجى ، والحبشى ، والفارسي وغيرهم ، ولكن كان أكثر الرقيق انتشارا وعددا الأتراك والجراكسة لما اتصفوا به من جمال الشكل وطيب المجلس ، وقد استكثر منهم الخلفاء العباسيون ، الفاطميون ، والأيوبيون وغيرهم ، وكان لمصر النصيب الأكبر من هؤلاء المماليك.

أصل ونشأة بيبرس البندقدارى

هو ركن الدين بيبرس البندقدارى ، ولقب بالملك الظاهر ، وتولى حكم مصر عام ١٢٦٠ ميلادية ، والموافق ١٧ من ذى القعدة عام ٦٥٨ هجرية ، وهو يعد من أهم ملوك المماليك البحرية ، وأصله من القبجاق ، ويقال إنه من بلاد كازاخستان حاليا ، وهو تركى الأصل ، وقد تم أسره وبيعه وهو صغير واشتراه رجل يدعى "العماد الضائع " فباعه للأمير عماد الدين أيدكين البندقدارى ثم اشتراه بعد ذلك الملك الصالح نجم الدين وانتقل إلى مصر ، وقد اعتقه الصالح نجم الدين وضمه إلى مماليكه البحرية ورباه معهم ، فشب بيبرس شجاعا قويا لا يهاب الموت ولا الحروب ، فقد عرفته الحروب أسدا مغوارا قويا فى كل حرب وموقعة ، فقد أبلى بلاء حسنا فى معركة المنصورة ضد الفرنسيين ومعركة عين جالوت ضد التتار ، وغيرها من المعارك والحروب.

صفاته وأخلاقه

امتاز بيبرس بمجموعة من الصفات التى جعلت منه قائدا عظيما ، ومنها أنه كان فارع الطول والبنيان ، وقوى البينة الجسدية ، وشجاع القلب ، وفارسا مغوارا لا يشق له غبار ، إلى جانب مهارته العسكرية وعبقريته فى إدارة وشن الحروب على الأعداء ، ومن ضمن صفاته الأخلاقية التى امتاز وتفرد بها بيبرس قوة الإيمان ، والغيرة على الدين والأعراض ، والبعد عن الترف والمجون والانغماس فى الشهوات كباقى ملوك عصره ، بل كان حازما تقيا يميل للدين والعبادة طوال حياته ، وكان محبا للعلم والعلماء ، ويقرب أهل العلم من مجلسه دائما ، وكان يعطف على شعبه ولا يحملهم ما لا طاقة لهم به ، وقد ألغى كثيرا من الضرائب التى فرضت عليهم ممن سبقه فى الحكم .

تولية بيبرس حكم مصر

تولى بيبرس البندقدارى عرش مصر عام ١٢٦٠ ميلادية ، وأصبح سلطان مصر وبلاد الشام ، ورابع سلاطين الدولة المملوكية ومؤسسها الحقيقى ، ويؤكد المؤرخون أن بيبرس البندقدارى هو المؤسس الحقيقى لدولة المماليك البحرية ، وبعد تولية بيبرس حكم مصر ، شهدت مصر فى عهده نهضة وطفرة فى جميع الميادين ، فاهتم بيبرس بعمارة الدولة ، وبنيتها التحتية ، وإقامة الجسور ورصف الشوارع ، وشق الترع والمصارف ، وبناء المدارس ، والمساجد ، فاهتم بتجديد الجامع الأزهر وأعاد له جماله ومكانته العلمية والدينية ، وأعاد خطبة الجمعة والدراسة بالأزهر الشريف بعد فترة من الإنقطاع ، وأقر المذاهب الفقهية الأربعة فى مصر ، وجعل لكل مذهب قاضى شرعى ، بعد أن كان القضاء مقتصرا على المذهب الشافعى ، واستطاع بيبرس أن يؤسس جيشا قويا وذا كفاءة عسكرية وحربية منقطعة النظير ، مما جعله هذا الجيش ينتصر فى كل معاركه الحربية طوال حياته .

إنجازات بيبرس البندقدارى

  • حقق العديد من الإنتصارات العسكرية على مدار حياته.
  • واستطاع هزيمة ودحر التتار والمغول فى عدة مواقع حتى قضى على قوتهم وإمبراطوريتهم المزعومة .
  • استطاع هزيمة الصليبيين وتحرير الأقصى من دناستهم ، وتحرير الكثير من البلاد العربية من سطوة الصليبيين.
  • بنى إمبراطورية عظيمة فى بلاد المشرق العربى واستطاع أن يحكمها على مدار سبعة عشر عاما .
  • شهد عصره نهضة معمارية وتعليمية منقطعة النظير فقد أسس الكثير من المدارس فى مصر ودمشق كالمدرسة الظاهرية فى دمشق والتى بنيت عام ٦٧٦هجرية ، والتى أنشئت فيها المكتبة الظاهرية أواخر القرن التاسع عشر
  • وفى خارج مصر قام بعمل العديد من الإصلاحات والتجديدات فى المسجد النبوى بالمدينة المنورة ، وقام بتجديد مسجد النبى إبراهيم فى مدينة الخليل بفلسطين
  • وزار بيت القدس يوم الجمعة ١٧ جمادى الآخرة عام ٦٦١ هجرية ، وقام بتجديد ما قد تهدم من قبة الصخرة ، وجدد قبة السلسلة وزخرفها ،
  • أنشأ مسجد الظاهر بالقاهرة فى ميدان الظاهر والذى مازال قائما حتى اليوم ، وأنشأ مسجدا آخر باسمه فى مدينة قليوب لا يزال موجودا حتى الآن ، ويسمى الميدان الموجود فيه ميدان بيبرس بمدينة قليوب البلد
  • كما عمل بيبرس على إنشاء الجسور والقناطر والأسوار ، وحفر الترع والخلجان ، وأنشأ مقياسا للنيل ، وقام بعمل الكثير من الإنشاءات والأنظمة ، فعمل نظاما للبريد وخصص له الخيول .
  • اشتهر بيبرس بذكائه العسكرى والدبلوماسى ، وكان له دور كبير فى تغيير الخريطة السياسية والعسكرية فى منطقة البحر المتوسط .
  • وفاة بيبرس البندقدارى

    توفى بيبرس البندقدارى يوم الخميس الموافق ٢٧/ محرم عام ٦٧٦ هجرية ، فى مدينة دمشق بعد رجوعه من معركة الأبلستين ضد خانات المغول سنة ١٢٧٧ ميلادية ، ودفن فى المكتبة الظاهرية بدمشق .

    المراجع

    كتاب " الظاهر بيبرس وحضارة مصر فى عهده "/ تأليف محمد جمال الدين سرور .