كيف يتعلم الأطفال في مرحلة المهد من خلال اللعب؟

كيف يتعلم الأطفال في مرحلة المهد من خلال اللعب؟

التعلم باللعب في مرحلة المهد

لا عجب أن اللعب هو أسلوب من أساليب التعليم خاصة في مراحل الطفولة المختلفة فالطفل يلعب من أجل المتعة والتسلية، ولكن بشكل مقصود وغير مقصود يكسبون المعارف ويتعلمون أشياء جديدة بدافع حب الاكتشاف والاستطلاع.

 

حيث يعد اللعب وسط تربوي مهم لأنه يعمل في تكوين الأطفال أثناء هذه المرحلة الحساسة والمهمة في المراحل النمائية، تعود هذه الأهمية في اللعب لدورها الكبير في بناء نفسية الطفل ، فهو من خلال اللعب يشبع حاجاته وكوامنه الداخلية، ويفتح أبواب العلاقات الاجتماعية بين الأفراد المحيطين به من أقاربه وأصدقائه ومربينه، فيتعرف من خلال اللعب مبادئ وواجبات وحقوق الآخرين فيحترمها ، كما أنه ومن اللعب الجماعي يتعلم كيف يضبط ذاته وينظم ذاته، وذلك من أجل التعايش مع الجماعة.( محمد، 2007)

في هذا البحث سأتناول الحديث تحديداً عن التعلم باللعب في مرحلة المهد وعن أهميتها الكبيرة في تعليم الطفل الرضيع من خلال اللعب بدأً بنفسه فهو يلعب عندما يعض على أقدامه أو يحرك أصابعه ويهز نفسه ويرفس الألعاب المتدلية فوق سريره. رغم بساطة هذه الحركات إلا أنها تعتبر جزء أساسي في تعلمه واكتشافه للبيئة من حوله ، فكل يوم ينمو فيه فإن عملية اللعب تتطور بتطوره وتقدمه في المراحل العمرية. وكيف يمكن لمعلمين أو المربين أو الوالدين أن يطبقوا على الطفل ويصمموا برامج تقوم على اللعب وكيف يمكن لأهل أن يستخدوا اللعب كي يعلموا أطفالهم.

 

 

لعب الطفل في مرحلة المهد - طبيعته وسماته :

مرحلة المهد هي مرحلة السنتين الأولى و الثانية من عمر الطفل تقسم إلى ثلاثة مراحل فرعية: مرحلة الرضاعة، ومرحلة السنة الأولى ، ومرحلة السنة الثانية .

 

تعتبر مرحلة الرضاعة من أبسط مراحل اللعب فهي بالغالب تتضمن حركات عشوائية للذراعين والساقين، فقد يلعب الطفل خلال هذه المرحلة وهو ممدد في سريره أو "الكوت" أرجوحة على شكل سرير، بالألعاب التي تتدلى من السرير وتصدر أصوات موسيقية ناعمة على أذنه، وإن لم يجد فيلعب بأصابع رجليه ويحاول اكتشاف أقدامه ولمسها أو العض عليها، ويقتصر لعبه في هذه المرحلة على لمس وسماع ودفع الأشياء ما يوسع مداركه وقدراته وتجاربه ومهارته العضلية مع كل سنة أو شهر يكبره الطفل فإنه يكتشف ويوسع قدراته في اللعب لتغطي مساحات أكبر ، ويشمل من حوله من الأشخاص .

 

أثبتت الدراسات التي أجريت في هذا المجال أن اللعب الأطفال في هذه مرحلة يزيد بزيادة قدرات الطفل، فمثلاً الطفل في المرحلة ما بين الشهر الرابع والسابع من عمره يمكنه إمسالك شئ واحد في وقت واحد وإذا ما أعطيناه لعبتين فإنه من المؤكد سيترك أحدهما لكن بعد ذلك فبإمكانه أن يمسك لععبتين معاً ويقوم بدفعهما وهزهما معاً واللعب بهما.

 

يصاحب هذه المرحلة لعب الطفل بأطرافه وفمه كما تعد وسائل لتسليته ويستمتع بإخراج الأصوات وتكرار الكلمات والمناغاة بالإضافة لتحريك أذرعه والرفس بساقه وبالأخص عندما نفك الأربطة عنه فإنه تلقائياً يد ذراعيه وساقيه بسعادة وللمحافظة على أمان الطفل ينصح بأن يكون سري الطفل أشبه بالقفص وملون بألوان هادئة فاتحة وأن تكون الألعاب آمنة غير صلبة أي مطاطية أو قطنية وخفيفة عليه مثل التي تصدر أصوات موسيقية هادئة بجانبه. وأن تكون المساحة مناسبة ومريحة لحركته كي لا يتضايق ويشعر بحرية أثناء حركاته، كما أنه منخلال هذه المرحلة يفضل اكتشاف واللعب بكلل ما تصل له يديه فمن الأفضل الانتباه لما هو حوله من الأشياء الكبيرة والخطرة والعمل على إبعادها عنه لأن الفضول سيدفعه للاقتراب منها.

اللعب في السنة الأولى من عمره: في هذه المرحلة يبدأ الطفل بتحريك يديه وأرجله ويحاول أن يرفع رأسه وينقلب على بطنه كما أنه يقبض على الأشيا بيديه ويركز بعينية على أصابعه ويلعب بالحلقا و الألعاب المعلقة فوق رأسه، كما أن هذه المرحلة تسمى المرحلة الفمية، فهو يضع كل ما يقع يده عليه في فمهمباشرة ويبتسم ثم يضحك للوجه الذي يصدر أصوات على مسامعه ويلعب معهى وحينما يسمع بعض الأصوات والأنغام الموسيقية فإنه يقوم بتحريك أقدامه ويداه على أنغامها.

من المهم أن تكون الألعاب من حوله ذات ألوان زاهية وجميلة خفيفة يسهل حملها ولكنها غير صغيرة الحجم كالخرز والأزرار ولا تحوي حواف مدببة، لأنه قد يضعها في فمه وتؤذيه فهو يحب اللعب بها ويستمتع بتحريكها والأصوات التي تخجها كمأ أنها نرى الطفل يلعب بكل شيء يراه ويفتح الخزائن في المطبخ ويخرج كل ما فيها من صحون و أواني بلاستيكية لذا يجب الحذر من وضع الزجاجيا ومواد التنظيف داخل الخزائن القريبة عيه فهم لا يستوعب أن هذه الأدوات خطيرة قد تؤذيه كونها أشياء ملفتة للانتباه وتدفعه لتجربتها بهدف الاكتشاف والتعرف على البيئة من حوله. وكذلك الأدراج في غرفته فتراه الأم قد أفرغ جميع محتوياتها من الملابس ودخل في الدرج وبدأ بالخزائن وهذا الأمر يتكرر كل مرة بالإضافة إلى أنه يغلق الأبواب والأنوار ويطفئها ثم يضيؤها ثم يطفئها وينصدم في كل مرة.

لعب الأطفال في السنة الثانية من عمره: تعتبر مرحل بلوغ الطفل سنته الثانية المرحلة التي يعطي فيها معنى للألعاب والدمى من حوله فيرتبط بها عاطفياً حيث أنه يحاكي ما يراه من معاملة واهتمام وعناية بدميته ،حيث نلاحظ أن الطفل يقوم بالاهتمام بدميته كما تهتم به أمه فيطعمها ويحممها ويقوم بتنيمها ويغني لها ومن هذه الألعاب الدمى التي تكون على شكل عرائس وحيوانات أليفة كالدببة والفيلة كالدببة والفيلة والأرانب، حيث تعد هذه الألعاب محبب لهم وتبعث بالأخيلة السارة لقلوبهم وتساعدهم في التعبير عن انفعالاتهم من حب وغضب والكبت الذي بداخله أو قد يقوم الطفل برمي لعبته وضربها وذلك نتيجة الغضب والكبت بداخله، أو قد يقوم بعناقها وتقبيلها ولمسها معبراً عن شعور الحب والدفئ بداخله فلا يرتاح بالنوم إلا بوجود دميته بجانبه. كما أنه الإناث تميل بشكل خاص إلى العرائس البنات فهي ترافقهم أغلب زياراتهم وفي أسرتهم أثناء نومهم لتصبح بمثابة روتين لهم حيث يشعرون بالأنس والطمأنينة لوجودها بجانبهم.

بالإضافة إلى أن الأطفال خلال هذه المرحلة يزداد نشاطهم وحركاتهم حيث يمكن بالتدرج التحكم بعضلاتهم وإنه تعلم الاتزان الحركي والصعود والركض والتكيف حركات تناسب حجم الأشياء التي يجرها أو يدفعها أو يركبها حيث يحتاج إلى مساحات واسعة تمكنه من التحرك واستعمال أقدامه وذراعيه وجسده بالكامل.

التعلم باللعب في مرحلة المهد:

هي مجموعة من الأنشطة الموجهة التي يؤديها الأطفال وذلك بهدف تطوير سلوكياتهم وقدراتهم العقلية والحسية والجسمية والوجدانية، وكما أنه في ذات الوقت يشعر بالمتعة والفرح والتسلية وكما يكتسب الأطفال المعرفة والخبرة وتزرع فيهم مبادئ التعاون والانتماء وروح التقبل وغيرها وتوسع آفاقهم المعرفية وتعمل على إشباع حاجاتهم النفسية ورغباتهم بهدف الاستطلاع وحب الاكتشاف البيئة من حولهم.

 

يشغل العب دور مهم في بناء شخصية الطفل من الناحية البدنية والعقلية والاجتماعية مؤثراً على تنشيط العضلات والقوة العقلية والقيم الاتجاهات لدى الطفل.(الخوالدة وآخرون،1993)

 

من خلال اللعب يكتشف الطفل بيئته من حوله ويكتسب معلومات ومعارف وحقائق كثيرة ومتنوعة عن العالم والناس المحيطين داخل بيئته، فيتعرف على الأشكال والألوان وأحجام الأشياء ويميز بيها ويجد الروابط التي تجمعها

 

ينمي اللعب المفاهيم الجديدة لدى الطفل ويطورها فتغدوا عملية الاكتشاف والتعلم سيان فهو يكتشف البيئة من حوله ويتعلم المفاهيم التي تصاحبها. وكما أثبت بياجيه فإن للعب دور في بناء النمو المعرفي عند الطفل وبذلك تنمو مداركه وتتوسع آفاقه.عن طريق التفاعل مع أشخاص وأشياء بحرية واطمئنان.

 

يمكن ملاحظة تأثير اللعب على المجالات العقلية والمعرفية لتعلم الطفل عن طريق فهمه وإدراكه وحفظه لقواعد بعض الألعاب البسيطة خاصة في ألعاب البناء والتركيب والليجو وغيرها.

 

يسهم اللعب في تكوين شخصية الطفل من الناحية الوجدانية عن طريق نشأة الطفل والتوازن العاطفي والانفعالي، فعندما يبدأ باللعب مع الآخرين تترسخ لديه مفاهيم التعاون واللعب الجماعي وضبط الذات والابتعاد عن الأنانية فيتفاعل مع الآخرين بشكل إيجابي ويتعلم العيش معهم .

 

كيف يمكن أن يستخدم الأهل اللعب في تعليم أبنائهم ؟

  • من المهم اختيار الألعاب التي تناسب المستوى العمري للطفل وذلك على فرض أن الأهل يلمون بالخصائص والصفات والرغبات الموجودة عند أطفالهم ويمكن الاستعانة بالمتخصصين التربويين وكتب التربوية.
  • من المهم توفير خزائن للاحتفاظ بألعاب والعرائس والدمي وترتيبه على سرير الطفل بشكل جميل.
  • تشجيع الطفل على مشاركة إخوانه وأقاربه بالألعاب وذلك عن طريق اللعب معهم بشكل مجموعة وتبادل الألعاب معهم.
  • ممارسة اللعب معهم من المهم توفير وقت كافي للعب مع أطفالهم وذلك للتعرف أكثر على شخصياتهم ورغباتهم وإن كانوا يواجهون أ مشكلات انفعالية.
  • التنويع في الألعاب التعليمية فمن الممكن أن نركز على تنمية قدرات معرفية أو قيم أخلاقية أو بناء شخصية .
  • البدأ بتنمية هوايات التي يود الطفل أن يلعبها .
  • العمل على الاستثمار في طاقات الأطفال ونشاطهم الزائد من خلال تحويلها نحو ألعاب والأعمال المفيدة.
  • تعليم الطفل القيام بممارسة بعض الرياضات الحركية كالسباحة والركض وركوب الدرجات.
  • نصيحة بعدم التسرع في الانتقال بالألعاب الصعبة معهم بل التدرج.
  • تشجيع مشاركة إخوتهم الكبار على اللعب مع الأطفال الصغار من غير تدخل و إعطائهم الإرشادات المناسبة.

 

الخاتمة

إن من أهم المراحل في حياة الإنسان والتي فيها تتكون شخصية الطفل وتبدأ تسقل على ما بنيت عليه وهي مرحلة الطفولة، وفي بحثي هذا تناولت مرحلة المهد التي تتكون من مرحلة الرضاعة والسنة الأولى والثانية من عمر الطفل، وفيها يبدأ الطف باكتشاف البيئة من حوله بدأً من جسمه إلى ألعابة وأغراضه وخزائن المطبخ انتهاءً بجر الأشياء من حوله، فمن المهم العمل على توفير الالعاب المناسبة من ناحية الحجم واللون النوع والوزن ففي هذه المرحلة بالكاد يستطيع حمل لعبتين قطنيتين، كما أنهم يستمتعون بالألعاب التي تصدر أصوات موسيقية ناعمة يرقصون على أنغامها والدمى يحاكون فيها المعاملة الوالدية التي يتلقونها ويعبرون عن مشاعرهم من خلالها سواء بكان حب أم غضب، كما يجب الانتباه للمرحلة الفمية حيث يضع كل شيء في فمه دون تمييز بين ضار أوحاد وكل ذلك بدافع حب البحث والاكتشاف والاستطلاع الاستمتاع ليس أكثر، إذا الجزء الأكبر يقع على عاتق أم والأب فالطفل لا يستجيب للنصح والإرشاد لذا يجب العمل على توفير بيئة خالية من الحواجز والمعيقات والمخاطر كالزجاجيات والكهربائيات والمواد المنظفة المؤذية، وكما ذكرت في البحث بعض التوجيهات المهمة التي تدعوا الأهل لاستخدام اللعب في التعليم وتنمية قدرات أبنائهم العقلية والجسمية والنفسية والمعرفية.

 

 

 

 

المصادر والمراجع

صوالحة، محمد، (2007)، علم نفس اللعب، الطبعة الثانية،عمان، الأردن: دار المسيرة للنشر والتوزيع.

محمد الخوالدة،وأمة الرزق،وشفاء باقية،ومحمد الصلحة(1993)،علم نفس اللعب عند الأطفال.قطاع التدريب والتأهيل، وزارة التربية والتعليم: اليمن.

العناني،حنان،(2021)،اللعب عند الأطفال،الطبعة (12)،عمان،الأردن:دار الفكر.

محمود، عبير،(2020)،أثر استخدام استراتيجية التعلم باللعب في تنمية الذكاء الوجداني وبعض المهارات الفنية لدي تلاميذ المرحلة الابتدائية. المجلة العلمية، المجلد 36(العدد 6)،كلية التربية، جامعة أسيوط، مصر.