كيف نميز الألم الحقيقي من المزيف عند الأطفال؟

كيف نميز الألم الحقيقي من المزيف عند الأطفال؟
(اخر تعديل 2023-08-20 23:21:18 )

بعض الأطفال يتظاهرون بالألم لأسباب مختلفة، ربما لجذب الانتباه، أو للتعبير عن مشكلات نفسية ربما يعجزون عن التعبير عنها بطريقة الكبار. نتناول في هذا المقال أهم العلامات التي نتعرف بها على الألم الحقيقي الذي يتطلب استشارة طبية من المزيف وكيف نتعامل مع كلا الحالتين.

الأطفال كائنات بريئة "في معظم الأحيان"، وحتى حين يرتكبون الأخطاء المروعة فإنهم لا يقصدون الشر المطلق. والطفل عادة يخاف من الطبيب، من الغرفة الخاوية إلا من سرير حديدي مخيف، والسماعة الباردة التي تقشعر جسده، ومن الشخص الغريب الذي يكشف جسمه بدون سبب مفهوم له. لذا فعندما يأتيني الطفل في العيادة، ما لم يكن مدفوعاً بقلق مبالغ فيه من الأبوين، فإنني أقدر شجاعته للغاية، لا أفترض التمثيل فيه أبداً.

لماذا يدعي الأطفال الألم؟

نعم هذا يحدث كثيراً. هل هذا التمثيل أو "ادعاء" المرض يستلزم العقاب؟ أو التجاهل؟ أو تهديده بإعطائه حقنة تؤلم مؤخرته عدة أيام؟

سأجيب بسؤال: لماذا لا نسأل أنفسنا "لماذا" يدعي الطفل المرض؟ لماذا يغامر بمقابلة شخص لا يحبه ويخاف منه ويعرض نفسه للسماعة الباردة أو اليد الخشنة الغريبة توضع على جسده؟

قد يكون الطفل ، خاصة الأصغر من 7 سنوات، عاجزاً عن التعبير عن احتياجاته النفسية. إنه يقول لك: يا ماما اهتمي بي قليلاً، أنت مشغولة بأخي الرضيع ونسيتني ولم تعودي تحبينني. بابا، أنت تتشاجر مع أمي وأشعر أنني السبب، ربما لو تعبت لانتبهتم لي ونسيتم مشاكلكم قليلاً! ماما، المعلمة قاسية وتهينني أمام زملائي. بابا، المدرب قاس للغاية وأنا جسمي ضعيف وأتعب من التمرين. ماما، أنا أخاف ليلاً وأرى وحوشاً في الغرفة. بابا، أنا أحتاج إلى حضن!

إنها رسائل – من وجهة نظري- قاسية ومؤلمة، كيف لهذا الصغير أن يعبر عنها بمفرداته اللغوية المحدودة؟ ليس له وسيلة ناضجة ليلفت انتباهكم إلى آلامه، فيشاغب، يحطم الألعاب، يتشاجر مع زملائه أو إخوته، وبعض الأطفال - الحساسين الانطوائيين غالباً- يبلل فراشه ليلاً ولم يكن يفعل من قبل، أو يدعي المرض.

وقد لا يكون مدعياً، قد يشعر بآلام حقيقية مصدرها هو عقله وليس عظامه، بالضبط كما يعترض قولونك – أيها البالغ- أو رأسك أو معدتك على الضغوط النفسية اليومية. هذا الطفل لا يستطيع تمييز مصدر الألم، إنه يخبرك بما يشعر به وحسب.

الخلاصة: حتى لو كنت متيقناً أن طفلك يمثل، أظهر الاهتمام.

كيف أميز بين الألم الحقيقي والألم غير الحقيقي؟

بعض مواصفات الألم الحقيقي أو العضوي

الألم غير الحقيقي (غير العضوي)

  • الألم مستمر طوال الليل والنهار، أو يزداد وقت الاستيقاظ من النوم.
  • مستمر في أوقات الإجازات والرحلات.
  • الطفل غير قادر على اللعب .
  • الألم متركز عند مفصل بعينه.
  • الألم في جهة واحدة.
  • الطفل يعرج أو يرفض المشي.
  • فقدان الشهية ، فقدان الوزن، ارتفاع درجة الحرارة، وجود طفح جلدي.
  • لألم بالليل فقط (بعد اللعب).
  • لألم يظهر في أوقات المدرسة فقط!
  • اللعب لا يتأثر مطلقاً!
  • الألم يتنقل بين المفاصل.
  • الألم على الجهتين.

قاعدة: الطفل المريض لا يلعب

قد يكون طفلك مقلاً في طعامه من الأساس، وقد لا تصلح الشهية كمقياس للحالة الصحية للطفل، أما اللعب فهو مقياس لا يخطئ غالباً. نصيحتي المتواضعة كأم قبل أن أكون طبيبة، استمع لقلبك. سيعرف قلبك أن الطفل غير طبيعي. الطفل المريض يزهد في الأشياء التي يحبها، يبكي كثيراً أو ربما يصبح صموتاً منزوياً على غير العادة.

هل أتجه للطبيب؟

الفحص الطبي يظهر طبيعة المشكلة في غالبية الأحوال. ولا حرج إن قال الطبيب إن حالة الطفل مطمئنة تماماً ولا يحتاج أكثر من مسكن بسيط وقت الحاجة. للأطباء حيل ماكرة لاكتشاف الطفل المدعي أثناء الكشف الطبي! وأكرر: إن هذا الطفل يجب ألا يكون متهماً، بل إنه يريد أن يخبرنا بشيء لم نفهمه بالطرق التقليدية.

قد يحتاج الطبيب بعض التحاليل للتأكد من التشخيص واستبعاد بعض الأمراض التي لا تظهر في الفحص. قد تكون تحاليل الدم سليمة تماماً ولكن هذا لا يعني دوماً أن الطفل لا يعاني.

بعض الأمراض قد تحتاج لمدة طويلة لكي تظهر أي تغييير في الفحوص الطبية، فيبدو الطفل مدعياً لمدة كبيرة، وهو لا يتحسن مع مرور الوقت. قد نحتاج لإعادة الفحوص بعد مدة تتراوح من ست شهور إلى سنة.

ختاماً، فإن تشخيص أمراض الأطفال يمثل تحدياً في كثير من الأحوال، خاصة مع والدين يظهران القلق الزائد. هدفي من هذه السطور هي طمأنة الأهل، وإرشادهم إلى التحكم في ردود فعلهم عندما يظهر الطفل شكوى ما لمدة طويلة دون استجابة لعلاج أو استفادة من مشورة طبية. أصعب ما في الأمر هو التعامل مع والدين مفرطي الاهتمام، يجيد الطفل استغلال حبهما ورعبهما عليه الاستغلال الأمثل، في هذه الحالة يكون المطلوب هو علاج الوالدين وليس الطفل!