ورقة سابحة في الفضاء، تحركها الرياح يميناً ويساراً، وهي تسخر منها، وهي تردد في أنفة وإباء إنني أبحث معكي عن قدري العظيم، فتلقي بها الرياح غير عابئة بها وبقدرها المجهول، وما أن تسقط تلك الورقة السحرية العجيبة، والتائهة في هذا الكون الفسيح، في هذا الكوب الصغير، والمليء بالماء المغلي، حتى سحرت الملايين بل المليارات على وجه الأرض.
عن أسطورة اكتشاف الشاي أتحدث، فوفقاً للأسطورة الشعبية الصينية، فإن اكتشاف مشروب الشاي يرجع إلى عهد الإمبراطور الصيني "شنيونج"، وذلك قبل الميلاد بثلاثة آلاف عام، حين سقطت بعض أوراق الشجر بالصدفة في الماء المغلي، فانتشرت رائحتها الطيبة، فأعجب بها الإمبراطور، وشرب منها، وانتشرت بعد ذلك من الصين إلي العالم بأسره، حتى أصبح المشروب الشعبي الأول في معظم دول العالم، بينما تأخر اكتشاف القهوة إلي القرن التاسع قبل الميلاد، في إفريقيا ومنها إلي انتشرت هي الأخرى للعالم.
وهل هناك أروع من كوب من الشاي الساخن مع نسائم الصباح الرقيقة، وفنجان من القهوة في ساعة العصاري، وقطعة من الشوكولاتة اللذيذة مع رشفة من الكولا عند غروب الشمس في نهاية النهار.
إن الشاي، والقهوة، والشوكولاتة، والكاكاو، ومشروبات الطاقة، والمشروبات الغازية، والمشروبات الكحولية، والمكملات الغذائية، وبعض أدوية البرد والإنفلونزا، والمسكنات، والمنبهات، تحتوى على مادة الكافيين، وهي مادة منبه للجهاز العصبي المركزي، وهي مادة شبه قلوية تصنف ضمن مجموعة المنشطات، وتعد من العقاقير التي تؤثر على النفسية البشرية، إلا أنها لا تعد من المخدرات، وتستخدم طبيا للحد من الإرهاق الجسدي، أو لاستعادة اليقظة العقلية عند الإحساس بالتعب أو الشعور بالنعاس غير العادي، وكعلاج لتنظيم ضربات القلب، والتنفس الصحيح.
للكافيين بعض الفوائد منها:
- إمداد الجسم بالطاقة اللازمة لأداء المهام اليومية، كما أنه يعزز القدرة على التركيز والانتباه.
- تناول الكافيين بالتوازي مع الأدوية المسكنة قد يساعد في تسكين آلام الرأس والصداع.
- الكافيين من مضادات الأكسدة، التي لها دور فعال في مكافحة الالتهابات، كما أنها تساهم في تقوية الجهاز المناعي، مما يقلل من فرص الإصابة بالأمراض.
- حماية خلايا المخ من تراكم البروتينات الضارة، والمحافظة على التركيز وحدة العقل، والعمل على إبطاء تدهور خلايا المخ
وبالرغم من أن مادة الكافيين لها بعض الفوائد المذهلة، إلا أن الأفراط في تناولها له أيضاً أضرار جسيمة على صحة وسلامة جسم الإنسان، والمرأة خلال فترة الحمل والرضاعة تكون في أشد حالات الضعف والوهن؛ بحيث أنها يمكن أن تتأثر بشكل أكبر عند تناولها للكافيين عما إذا كانت في حالتها العادية الطبيعية، بالإضافة لوجود جنين صغير وضعيف في أحشائها قد يتأثر سلباً أيضاً بتناولها لهذه المادة.
لذا فإننا في هذا المقال سوف نحاول أن نبحث عن الحقيقة، ونجيب على هذا السؤال الهام، هل يؤثر الكافيين على الحمل وصحة الجنين؟
إن الدراسات العلمية في هذا الباب كثيرة ومتشعبة وأكثر من أن تنضبط، وبعضها متضارب، إلا أنها تكاد تتفق على مبدأ واحد، وهو أن الإفراط في تناول المواد الغنية بمادة الكافيين مضرة بصحة الأم الحامل والجنين والرضيع، وأسرد هاهنا بعض النصائح والتحذيرات:
ينصح الأطباء بضرورة التخفيف من تناول مادة الكافيين أثناء فترة الحمل، وبالأخص في الثلاثة أشهر الأولى من الحمل، حتى يستقر الحمل، وهناك كمية مسموح بها من مادة الكافيين يومياً يجب على المرأة الحامل عدم تجاوزها خلال فترة الحمل حفاظاً على صحتها وصحة وسلامة الجنين، وهي 200ملجم يومياً من مادة الكافيين، والتي تعادل مقدار ثلاثة أكواب من الشاي الأسود يومياً، أو فنجانان صغيران من القهوة، أو كوب واحد من النسكافيه.
- إن تجاوز هذه النسبة، والإفراط في تناول المواد الغنية بالكافيين، قد يتسبب في العديد من الأمراض الخطيرة للأم والجنين والرضيع، أذكر منها:
الخلاصة:
والخلاصة من وجهة نظري، هي أن النساء الحوامل إذا استطعن التخلص من المنتجات التي تحتوي على الكافيين من نظامهن الغذائي، فإن هذا لن يضر بوضعهن الغذائي، وهذا هو الاختيار الآمن والأمثل لهن، ولأطفالهن في المستقبل.
بعض النصائح المفيدة للحامل:
- يجب على الحامل أن تكثير من تناول عصير الليمون الطازج، والذي يساعد على تهدئة واسترخاء الأعصاب.
- إن تناول المشروبات المنزوعة الكافيين، والتي لا يتجاوز الفنجان منها نسبة 14 مليجراماً من الكافيين، يعد الاختيار الأمثل والبديل الآمن عن الكافيين.
- يجب على الحامل أن تحرص على تناول الأطعمة الغنية بالكالسيوم، مثل : الحليب، الجبنة، اللبن، البقوليات، السلمون والسردين.
- الأعشاب الطبيعية مثل: البابونج والنعناع والزنجبيل صحية ومفيدة للحمل، ولا تحتوي على مادة الكافيين على الإطلاق.
- يوصي أطباء التغذية الحوامل بتناول الحبوب الكاملة والكربوهيدرات المعقدة مثل دقيق الشوفان والأرز البني والبطاطا الحلوة والبقوليات للحصول على الطاقة اللازمة للجسم.
- إن الأطعمة التي تحتوي على حمض الفوليك: تساعد على تحويل الكربوهيدرات إلى جلوكوز للحصول على الطاقة، وهو متوفر في الفاصوليا والأفوكادو والخضروات ذات الأوراق الداكنة والعديد من الخضروات الأخرى، والحصول على ما يكفي من حمض الفوليك أثناء الحمل أمر أساسي للوقاية من بعض العيوب الخلقية، لذلك من المرجح أن يوصي الطبيب بمكملات غذائية ما قبل الولادة.
- المغنيسيوم معدن هام ويساعد على تحويل الطعام إلى طاقة، ويوجد في بذور اليقطين واللوز والكاجو والفول السوداني والفاصوليا السوداء.
- ينصح الأطباء بضرورة الإكثار من شرب الماء أثناء الحمل، حتى لا يحدث جفاف، والجفاف يعزز الشعور بالتعب والخمول والنعاس، ويوصي الخبراء بشرب (8-12) كوبًا من الماء في اليوم خلال فترة الحمل.