كيف تنمي ذكاء طفلك

كيف تنمي ذكاء طفلك
(اخر تعديل 2023-05-29 16:17:48 )

الذكاء منحة إلهية، وهدية ربانية، وميزة بشرية، ونعمة تفضل بها الله علينا كسائر النعم التي تغمرنا حتى عجزنا عن شكرها، وكسائر النعم الجليلة فإنها تحتاج إلي رعاية وشكر والأخذ بالأسباب العلمية التي جعلها الله سبباً في بقائها وشحذها وتطويرها.

فالمال نعمة عظيمة، وإذا لم يجد من يديره بطريقة صحيحة، سوف يذهب أدراج الرياح بالتبذير والإسراف والإهمال، وإذا وجد من يحسن إدارته وتنميته فإنه سوف يزدهر ويزيد وينتفع به صاحبه.

 

تنمية ذكاء الطفل

 كيف تنمي ذكاء طفلك

يعرف المختصون الذكاء بأنه تلك القدرة على التفكير السليم، واقتراح الحلول المناسبة للمشكلات، إما عن طريق التكيف مع الوضع الراهن، أو باكتساب المهارات اللازمة من خلال التعليم والتدريب.

وقد خلق الله عز وجل لتنمية الذكاء أسباباً مادية، إذا أخذ الإنسان بها، استطاع أن ينمي تلك الموهبة الفطرية، ويحافظ على تلك العطية الربانية الفريدة ويطورها، فإن العوامل الوراثية وإن كانت سبباً في ذكاء بعض الأطفال دون بعض؛ ولكنها ليست العامل الوحيد، وكذلك فإنها ليست العامل الأهم، فالعناية بتنمية القدرات العقلية، وتهيئة البيئة المناسبة والمحيطة بالطفل، والتغذية السليمة، وممارسة الرياضة كلها عوامل تساهم بقدر ما في تنمية ذكاء الطفل، ونحن في هذا المقال سوف نسلط الضوء على أهم الأسباب التي يعتقد المختصون بأنها قد تسهم في تنمية ذكاء طفلك في مراحل عمره المختلفة.

العناية بفترة الحمل :

إن الحالة النفسية والعاطفية والتغذية السليمة للأم خلال فترة الحمل تؤثر سلبًا أو إيجابًا على تكوين القدرات الصحية والعقلية والنفسية للطفل، وإهمال تلك المرحلة الحرجة خطأ فادح يقع فيه كثير من الناس، والالتفات إليها والعناية بها من أهم الأسباب التي تساهم في تشكيل وتنمية القدرات المختلفة للطفل، والاستماع لنصائح الأطباء والمختصين في هذا المجال أمر مهم، فهناك أغذية وفيتامينات مفيدة وهامة ينصح بها المختصون من أجل صحة وسلامة الطفل الجسدية والعقلية والنفسية، وهناك أطعمة وعادات وسلوكيات ضارة على الجنين في تلك الفترة كالأطعمة الدسمة والتدخين والتوتر.

 

الحرص على الرضاعة الطبيعية:

أثبتت الدراسات الطبية الحديثة بأن الرضاعة الطبيعية لا يعادلها شيء، وأنها تسهم بقدر كبير في تقوية صحة ومناعة الطفل، وتساعد في حمايته من الأمراض الدماغية، وذلك بفضل الأحماض الدهنية الموجودة في حليب الأم والمسؤولة عن هذا التطور الإيجابي.

 

الحرص على تناول طعام الإفطار بانتظام:

إن الفترة الطويلة التي يقضيها الطفل في النوم بعد يوم طويل من الجري واللعب؛ تفقده الكثير من الطاقة، وهنا تبرز أهمية وجبة طعام الإفطار لكي يستطيع الجسم تعويض هذا القدر المستهلك من الطاقة، لاستعادة التركيز وتحسين أداء الذاكرة والقدرة على التلقي والفهم والإدراك، ومكونات تلك الوجبة أيضاً لها أهمية إضافية مماثلة لأهمية تناولها، فالحليب الطازج، وعسل النحل، والفواكه والعصائر الطازجة، من الأصناف التي يوصي بها المختصون في مجال التغذية لبناء العظام والعضلات وتقوية الذاكرة وتحسين التركيز.

 

العناية باختيار الألعاب المفيدة للأطفال:

الألعاب ليست وسيلة قاصرة على الترفيه واللعب، وإنما تتعدى ذلك كونها وسيلة لتكوين شخصية الطفل النفسية والعقلية، فالمبالغة في مشاهدة الألعاب العنيفة وممارستها تخلق طفلاً عدوانياً، والمبالغة في الألعاب الإلكترونية قد تخلق طفلاً انطوائياً منعزلاً عن الواقع، وكذلك الحال بالنسبة للألعاب المفيدة مثل: الألعاب التي تحفز على التفكير والتحليل والتركيب والتخيل، فإنها تنمي مهارات التحصيل العليا، مثل ألعاب المكعبات، وتكوين الأشكال الورقية، وبناء المجسمات، والرسم بالألوان، وتجميع القطع، والتشكيل بالصلصال، والشطرنج، وحل الكلمات المتقاطعة، والتمثيل المسرحي، وبرامج المسابقات العلمية الإلكترونية، كل هذه النوعية من الألعاب تسهم في تنمية قدرات الطفل على التفكير، وتخلق لديه القدرة على التحليل والخيال، وحل المشكلات.

ولا يجب أن نهمل جانب الألعاب الحركية، فإنها تنمي التوافق العصبي والحركي لدى الطفل، وتحسن من قدرته على استخدام الحركة، وتكسبه النشاط والحيوية، وتحرره من الطاقة السلبية، وتعوده على التعامل مع الأقران والتعاون ومشاركة الاهتمامات والحياة مع الآخرين، فضلاً عن كونها مفيدة للصحة العامة للطفل.

 

تعلم الحرف والمهارات اليدوية:

إن تدريب الطفل على استخدام حواسه المختلفة ينمي مهارات الطفل العقلية والحسية والحركية، ويحسن من قدرته على الابداع والابتكار، والمهارات اليدوية تعلم الطفل استخدام حواسه المختلفة، وتدربه على استخدام عدة أدوات في وقت واحد، وتساهم في تحقيق التوافق العصبي والحركي، وتحسن المزاج العام للطفل، وهذه أمور هامة لتنمية ذكاء الطفل.

 

الحرص على ممارسة الألعاب والتمارين الرياضة:

الرياضة متنفس الروح، وصائغة المرونة في الجسد، والمعلم الأول لتعلم العمل الجماعي، واستشعار روح الفريق الواحد، ولها أثر بالغ في صحة الجسد، وكما قيل قديماً: "العقل السليم في الجسم السليم"، والرياضة تهذب الأخلاق، وتعلم الطفل التنافس الشريف، وتكسبه العديد من الممارسات الصحية السليمة، وتحسن الذاكرة، وتصفي الذهن، وتنمي القدرة على التفكير.

 

العناية بالتغذية السليمة للطفل:

التغذية السليمة مهمة لبناء جسم قوي وصحيح ومتكامل، وتأتي الخضروات والفاكهة والعصائر الطازجة والحبوب على قائمة الأطعمة الهامة التي يجب أن يتناولها الطفل في هذه المرحلة العمرية من حياته، ويجب الحرص على الحد من تناول الطفل للسكريات والدهون، والتي تعمل على تراكم السعرات الحرارية الزائدة داخل جسم الطفل، وبالتالي يظهر فرطاً في الحركة أو عصبية وعنف في التعامل مع أقرانه أو إخوته للتخلص منها.

 

 الإجابات المنطقية الصحيحة على اسئلة الطفل:

قد تخلق الإجابات الخاطئة أو الغير مقنعة على أسئلة الأطفال سداً منيعاً وحاجزاً يمنعه عن الاستمرار في طرح الأسئلة، وهذا خطر كبير، وقد يوجهه لاعتناق أفكار خاطئة، وهذا خطر أشد، وقد يجعله يفقد المصداقية في الأبوين فيتوجه بتلك الأسئلة للشخص الخاطئ، وهذا أشد خطراً مما سبق.

إذن لابد من العناية بأسئلة الأطفال، والحرص على أن تكون الإجابات عليها صحيحة ومنطقية ومقبولة ومعقولة بالنسبة لعقلية الطفل وقدراته، ولا مانع من الاستعانة بالمختصين للإجابة على بعض الأسئلة، أو الاستعانة بالكتب المتخصصة في هذا المجال، ولا عيب ولا حرج في الاستعانة بأهل الاختصاص والخبرة في ذلك، لأن الخطأ في الإجابة عن بعض الأسئلة سوف يكون ثمنه فادحاً على عقلية ونفسية الطفل في المستقبل.

أما الامتناع بالكلية عن الإجابة على أسئلة الطفل، وبالأخص الأسئلة التي قد تبدو محرجة للوالدين، كالأسئلة المتعلقة بالجنس، أو التي ترتبط بالدين، وتعنيف الطفل ومعاقبته على طرح مثل هذه النوعية من الأسئلة، فهذه الطريقة أشد الأنواع خطورة، وقد تؤدي إلي تدمير عقلية ونفسية الطفل.

ويجب أن يتعود الطفل على كيفية البحث عن المعلومة، ويتعلم أن كل شخص له قدرات، وأنه لا يوجد إنسان على وجه الأرض لديه إجابات على كل الأسئلة، وأن عدم معرفة الإجابة على بعض الأسئلة لا يعد نقصاً ولا عيباً ولا يعني بالضرورة الجهل وعدم المعرفة، وأن الإنسان يظل طوال حياته في مرحلة تعلم مستمر، حتى يكون ذلك ديدنه في الحياة.

 

تعويد الطفل على قراءة الكتب المفيدة والنافعة:

الكتاب هو عصارة فكر المؤلف، وخلاصة تجاربه الذاتية في الحياة، يبث روحه في فقراته، ويلخص تجاربه في كلماته، لذا استحقت القراءة بحق أن تكون غذاء ودواء الروح، والقراءة هي الوسيلة الأولى والأهم في تلقي العلوم، واكتساب المعارف، وتنمية الذكاء، وتدريب الطفل على القراءة، تدريب على اكتساب العلم والمعرفة، واختيار الكتاب المناسب للطفل لا يقل أهمية عن ذلك، ففي المراحل الأولى من عمر الطفل، ينصح المختصون بكتب الحكايات والقصص القصيرة، ثم التدرج معه في المستوى شيئاً فشيئاً كلما تقدم عمر الطفل.

إن تدريب الطفل على القراءة، والتحدث معه، والاستماع إليه، ومناقشته في التفاصيل، تكسب الطفل حصيلة لغوية تؤهله فيما بعد لاستغلالها في إدارة الحوار والتعبير عن نفسه دون خجل أو خوف، وتمكنه من الانخراط في الحوارات المختلفة مع الآخرين.

 

التحفيز وبناء الثقة بالنفس:

الكلمة، والبسمة، والإشارة، وسائل للتعبير عن الرضا أو السخط، وقد تصنع الكلمة ما لا يتصوره عقل، والإنسان مجبول على حب الثناء والمدح، والتحفيز سنة كونية من سنن الله للتشجيع على العمل، ولذلك خلق الله الجنة وأعدها للمحسنين، وجعل الكلمة الطيبة كالصدقة، وجعل إشارة الرجل لأخيه بالسلاح معصية وذنب عظيم، والطفل ببساطته وعقله المحدود وبطبعه وتكوينه الفطري يسارع في عرض انجازاته البسيطة على والديه، وهنا يأتي دور الأبوين في التحفيز والتشجيع بالكلمة الجميلة: (الله ما أجمل هذه الرسمة، ما أروع هذا الشكل، أجمل مجسم في الكون، أنت عبقري، أنت أحسن واحد يعمل ....)، أو بالابتسامة الرقيقة، أو بالإشارات الإيجابية.

ومع ذلك فإنني لا أنصح أيضاً بالمبالغة الدائمة في التحفيز المعنوي، ولكنني أحذركم أشد الحذر للانتباه لكل كلمة مع طفلك، فأنت تنقشها على جدران قلبه، وتحفظها في خلجات روحه، وترسلها في بنيات أفكاره، وانتبه لإشاراتك وتعبيرات وجهك ووجه طفلك وأنت تخاطبه، فإنك ترسمها بين عينيه، وكم من أطفال أذكياء حطمتهم كلمة، ودمرتهم نظرة، وضيعتهم إشارة بقصد أو بغير قصد من أبوين بسيطين لم يحسنا صناعة أبناء أذكياء.

أما عن التحفيز المادي، فيجب أن يكون بحدود، ودون مبالغة، وبالهدايا النافعة، كالكتب العلمية، والألعاب المفيدة التي تنمي الفكر والحركة، ويجب أن تبين للطفل سبب الهدية، وأن تكون مرتبطة بعمل أو نشاط أو سلوك إيجابي نابع من الطفل يستحق بالفعل التحفيز المادي.

 

كن قدوة لطفلك:

الطفل ينظر إلي أبويه باعتبارهما المثال النموذجي للإنسان المتكامل في هذه الحياة، فأنت قدوة طفلك، وأنت معلمه الأول، والطفل يستلهم منك شخصيته، ويكتسب منك سلوكياته، فلتكن له تلك القدوة وذلك النموذج، واحذر أن تأمره بشيء وتخالفه، أو تنهاه عن شيء وتفعله، فإنك بذلك سوف تحطم تلك القدوة التي يحتذي بها.

فإنك مثلاً لو مكثت تحدثه شهراً عن الصدق، ثم طلبت منه في لحظة أن يخبر أحد أصدقائك على الهاتف مثلاً بأنك غير موجود بالمنزل، فقد هدمت كل ما بنيت في غمضة عين وأنت لا تشعر، فاحذر أن تكون أنت القدوة الفاسدة لطفلك.

فإذا أردت أن يكون طفلك ذكياً، فاجعل نفسك أولاً قدوة لطفلك، أجعله يراك وأنت تقرأ، وتتعلم، وتفكر، وتتفكر، وتناظر، وتخطط، وتحاور، فإن الأطفال لكم أيها الآباء مقلدون.

 

المرح واللعب والترفيه:

لا تملأ حياة الطفل باللعب، ولا تشغلها بالتعلم والمذاكرة، ولكن ساعة وساعة، فالطفل يحتاج إلي اللعب كما يحتاج إلي الماء والشراب والطعام، واللعب كالملح في الطعام، يجب أن يكون له قدر محدود، فانتبه لذلك، فلا تحرمه من اللعب، ولا تبالغ في الإفراط فيه، فالوسطية والاعتدال محمودة ومطلوبة في كل شيء، فاللعب يصفي الذهن ويبعث النشاط في الجسد ويحسن من أداء الذاكرة وينشط القدرة على التفكير، ولا حرج في اللعب مع طفلك فإن الأطفال يعشقون اللعب مع آبائهم وأمهاتهم.

 

النوم الكافي:

احرص على أن يحصل طفلك على القدر الكافي من النوم يومياً، فإن قلة النوم تسبب القلق والأرق والتوتر، والنوم الكافي يؤدي إلي النضج والنمو المعرفي، وبالتالي يزيد من ذكاء الطفل.

 

تدريب الطفل على تحمل المسؤوليات وتنفيذ المهام:

عود طفلك على تحمل المسؤولية منذ الصغر، واترك له مساحة من الحرية في البداية لاختيار المهام التي يمكن أن يساهم بها في أعباء المنزل، فإن هذه الطريقة تنمي لديه القدرة على العمل وتحمل المسؤولية والمشاركة مع الآخرين في العمل، وتجعل عقله يعمل في أكثر من اتجاه، وينشغل بأكثر من فكرة، ويبحث عن حلول للمهام التي يلزم نفسه بها.

 

الحالة النفسية للأسرة (الجو العائلي):

احرص على أن تهيء للطفل جو أسري هادئ، وبيئة مستقرة، ووضع اقتصادي متزن بلا ترف ولا تقتير، وحاول قدر المستطاع أن تكون المشاكل العائلية مطوية عن سمع وبصر الطفل، لأنها أشد ما يؤثر على نفسيته ويحطمها، وبالتالي يؤثر على قدراته العقلية. 

 

العلاقات الاجتماعية المتوازنة:

العلاقات الاجتماعية تبعث السعادة في النفوس، وتشعر الطفل بمدى الترابط الأسري، وتدربه على العلاقات الخارجية، وكيفية التعامل مع الآخرين، وتنمي الذكاء الاجتماعي لدى الطفل.

 

اختيار الأصدقاء:

حاول أن تكون أنت الصديق الأول، والصديق الصدوق لطفلك، فإن الأصدقاء نعمة ونقمة، فإذا ما وفق الإنسان للصديق الصالح، انتفع به في الدنيا والآخرة، وإذا سقط في براثن أصدقاء السوء، خسر الدنيا، وربما خسر الآخرة معها، فالصديق ساحب، إما إلي الخير، وإما إلي الشر، لذا يجب علينا أن نعود أطفالنا على حسن اختيار الأصدقاء، وأن نختبر أصدقاءهم، ونبعد عنهم أصدقاء السوء، ونقرب منهم الأصدقاء المعتدلين والأسوياء حتى لا يتأثرون بخلافهم.

 

عدم تلبية كل رغبات الطفل:

احذر من تلبية كل رغبات الطفل، فيجب أن يتعلم منذ نعومة أظفاره بأن الحياة لا تهب الإنسان كل شيء، وأن هناك أموراً لا يستطيع الإنسان تحقيقها، حتى لا يصطدم بالواقع، ويتحطم فؤاده على صخور الازمات عند أول مواجهة، وحتى يخرج للحياة شخصاً مستقراً نفسياً قادراً على تحمل الأزمات ومواجهتها، وليس كائناً رخواً ينهار عند كل أزمة أو مصيبة تصيبه في هذه الحياة، فالحياة لن تصفوا أو تخلوا من الأزمات والنكبات.