كيف تتغلب على خوفك ( تحديد المخاوف ومواجهتها )؟

كيف تتغلب على خوفك ( تحديد المخاوف ومواجهتها )؟
(اخر تعديل 2023-06-22 21:15:37 )

لكل منا مخاوفه التى تعكر عليه حياته وتؤثر على كثير من آراءه وأفكاره وتصرفاته ، وفى كثير من الأحيان تقف عائق بينه وبين شخص أو فرصة أو حتى حلم حياته الذى يريد تحقيقه. بقدر رغبته فى ذلك الشئ إلا أنه يركد هاربا بعيدا عنه بسبب أحد مخاوفه التى يمكن أن تكون فى الأصل مخاوف وهمية ليس لها أى أساس من الصحة.

دائما ما نتجنب الحديث عن الخوف ،حتى التفكير به ، حيث يشعرنا ذلك بقلة الثقة بالنفس والعجز أحيانا.

فالخوف حالة تتملك الإنسان وتسيطر عليه بطريقة مؤلمة ، تشعر بالضعف الشديد وتشويش الأفكار. تخشى من كل شئ ،جميع من حولك وحياتك والأهم أنك تخشى من نفسك التى تراها ضعيفة ، هى التى أوصلتك إلى ذلك الإحساس السئ الذى تشعر به الآن ،فكيف يمكنك الوثوق بها؟.
هنا نصل إلى السؤال الأخطر : هل حقا يمكننا التغلب على مخاوفنا؟ بالطبع يمكنك وبعدة وسائل. يجب أن تسأل نفسك فى البداية: كيف أفرق بين المخاوف الوهمية والمخاوف الحقيقة؟.

الخوف الوهمى من شئ يتغير بالظروف والوقت ،أما الخوف الحقيقى الطبيعى لا يتغير. على سبيل المثال: جميعنا نخاف من الظلام ونحن صغار ، وهذا يتغير مع أغلبنا عندما نكبر ؛ أما بالنسبة للخوف من حيوان مفترس مثل الأسد لن يتغير ، فلن يذهب أحدنا لأسد ويضمه ، حتى مروضوا الأسود لهم إسلوبهم فى التعامل وطرق معينة فى التدريب والترويض.

المواجهة هى أهم عوامل الكشف عن حقيقة المخاوف من عدمها. الخوف الوهمى بتكرار المواجهة يقل حتى يختفى. بالنسبة للخوف المترسخ فى نفوسنا وأذهاننا بسبب عقدة أو موقف قديم لا يذهب بسهولة ومع الأسف فى بعض الحالات لا يتركنا. لكن المواجهة تجعلنا نتقبله ؛مما يجعلنا أقوى من قبل.

كيف نحدد مخاوفنا ونستطيع السيطرة عليها:

بعض التجارب أثبتت أن الكتابة توضح الصورة المشوشة فى ذهنك لذلك لنبدأ بها. أكتب كل الأشياء التى تخاف منها أيا كانت خطيرة أو تافهة. ستجد قائمة عريضة تلك الخطوة الأولى.

إقرأها أكثر من مرة ستكتشف بنفسك أن بعضها سهل التغلب عليه ،وبعضها مجرد فكرة فقط. فمثلا تأثرك بشخص هام بالنسبة إليك ممكن أن يجعلك تعتقد أنك تخاف مما يخاف هو منه ،لكن بالمواجهة يظهر العكس سريعا.

يقال أن الإنسان الطبيعى مخاوفه بين الأربعة والخمسة عشر. كلما زاد عن ذلك يسهل التغلب عليه. حاول مرة واثنان أن تقلل عدد مخاوفك لأقصى حد. نأتى إلى الأساس وهى المخاوف التى يصعب التغلب عليها ،والتى ليس لها حل من وجهة نظرك فى الوقت الحالى ،تلك هى تحدياتك الحقيقة.

عليك التفكير جيدا لمحاولة إيجاد حلول لمواجهتها تناسب هذا الخوف تدريجيا ،دون ضرر أو تهور يزيد الأمر سوءا. بالمواجهة ستستطيع التعايش مع مخاوفك ومحاولة السيطرة عليها قدر المستطاع.

إذا كنت لا تستطيع القضاء عليها فعليك حبسهم فى جزء صغير داخلك ،تكون أنت المسيطر الأول والأخير ليس العكس. سيتطلب هذا مجهود مضاعف ومجهد نفسيا وكثير من الوقت والمحاولة والتدريب. ربما ستشعر بالفشل فى البداية والآلام ستزيد مع تفكير لا يتوقف فى مخاوفك ،لكن النتيجة التى ستصل لها ستبهرك. وذلك عن تجارب واقعية.

على سبيل المثال : شخص كان يخشى الظلام لأقصى درجة حتى أنه فى بعض الأحيان كان يصل الأمر إلى رجفات قوية وعدم القدرة على التكلم أو الإستنجاد بشخص. بدأ بتخفيض الإضاءة بالتدريج فى المكان الذى يتواجد به كخطوة أولى. بعد ذلك حاول الإعتماد على ضوء بسيط للغاية كشمعة أو حتى ضوء من النافذة. تلك كانت فترة طويلة ومرهقة حتى اعتاد عليها. بعد ذلك توصل لإغلاق عينيه والسير مع التحسس على الحائط وأثاث البيت ،حتى أنه حفظ تفاصيل البيت وأماكن الأشياء فى الظلام دون أى ضوء ،إذا لم يتغير مكانها بالطبع. أصبحت عادة بالنسبة له فى الظلام أن تسبقه يداه ،وكأنها هى التى ستحميه وترشده. لم يقضى نهائيا على خوفه من الظلام ولكنه استطاع التعايش معه الآن. لم يعد يأتيه حالات الخوف الشديد التى كانت تصل لحالة هستيرية خاصة عند إنقطاع النور بطريقة مفاجأة. يمكن أن يكون إعتاد على التصرف فى الظلام أو المواجهة التدريجية جعلته يتقبل الأمر ويسيطر على خوفه ،مما لا شك فيه أنه أحدث فرقا فى حياته حسب قوله وأعطاه ثقة أكبر وإحساس بالقوة رغم عدم تغلبه عليه نهائيا. سيتوجب عليك فى حالة عدم استطاعتك بمفردك التغلب أو السيطرة عليه إستشارة متخصص أو طبيب. لا تبخل على نفسك بالمجهود الذى سيزيد من ثقتك بنفسك. أنت الأحق بمجهودك لنفسك.

فوائد السيطرة على الخوف:

  • التغلب على الخوف يجعلك أقوى.
  • يجعلك متصالح مع نفسك حتى فى ما لم تستطع التغلب عليه نهائيا.
  • رؤيتك لنفسك على حقيقتها ومواجهتها تجعل صورتك الشخصية أوضح لنفسك وتساعدك فى تقبل ذاتك الحقيقة.
  • لن تشعر بالعجز وأنت تحاول ، كلما حاولت ستشعر بالقوة وتزداد ثقتك بنفسك خاصة مع التقدم الذى ستشعر به.

أعتقد أن أهم ما يتمناه الإنسان فى حياته هو أن يصل للسلام النفسى والتصالح مع الذات ،والذى لا يتحقق بغير مواجهة النفس وتقبل نفسك كما هى ،مع الرغبة فى التحسن. لن يعترض طريقك وطموحاتك أقوى من خوفك الداخلى وإن قاومته أو بدأت فى مباراتك معه ،ستقضى على العقبات فى طريقك.تلك التى داخلك ولكنها أصعب ما يمكن مواجهته.